لمحات من تاريخ كوريا

تقسيم كوريا والحرب الكورية
(1945-1953)

عاشت كوريا ظروفا صعبة ابان فترة الاحتلال اليابانى لها(1910-1945) وتعرضت لحركات قمع عنيفة من حكومة اليابان ،فقيدت الحريات وتم اعتقال عشرات الالوف من المواطنين.وقد ظن الشعب الكورى انه سينعم بالهدوء والاستقرار بعد انتهاء الاحتلال اليابانى الا ان الدول الاربع الكبرى (الولايات المتحدة الامريكية-الاتحاد السوفيتى -فرنسا-انجلترا) كان لها رأى اخر.

فمنذ عام 1943 - اى اثناء الحرب العالمية الثانية- بدأ الحلفاء يفكرون فى المصير الذى ستؤول اليه كوريا بعد تحريرها من الاستعمار اليابانى.وكان اول مؤتمر دولى درس مصير كوريا هو مؤتمر يالتاyalta (فى شبه جزيرة القرم) فى 4 نوفمبر 1945،حيث اتفق المؤتمرون ( روزفلت و ستالينو تشرشل) على تقسيمها الى منطقتى احتلال بحبث تحتل القوات الامريكية القسم الجنوبى ، وتحتل القوات السوفيتية القسم الشمالى .ثم عين مؤتمر بوتسدام(قرب برلين) فى الفترة من 16يوليو الى 2 اغسطس 1945 الحد الفاصل بين المنطقتين الجنوبية والشمالية بخط العرض 38. ولم يقصد المؤتمرون بهذا الخط المصطنع تقسيم كوريا،وانما الفصل بين القوات السوفيتية التى دخلت شمال كوريا فى 12 اغسطس 1945 و الامريكية التى التى احتلت القسم الجنوبى فى نفس السنة .وهذا الحل لم يكن يمثل الحل النهائى و الدائم للمسالة الكورية، وانما كان حل مؤقت يجب تعديله، خاصة ان الولايات المتحدة كانت تريد منذ عام 1943 ان توضع كوريا كلها تحت نظام الوصاية الدولية.وفى الاجتماع الذى حضره وزراء خارجية الدول الاربع الكبرى فى موسكو نافش المؤتمرون موضوع الوصاية واقروه من حيث المبدأ.

ولكن رد الفعل لدى القوى الثورية فى كوريا كان قويا و عنيفا،فقررت رفضه،الا ان الحزب الشيوعى الكورى سرعان ما غير موقفه المعارض لنظام الوصاية الى موقف المؤيد. وبدأت الخلافات فى وجهات النظر الامريكية والسوفيتية حول التفاوض مع كوريا ،ومن هى الجبهة التى تمثل الشعب الكورى،وبالتالى بدأالخلاف على مستقبل كوريا برمته.

ولذلك عرضت القضية الكورية على الجمعية العامة للامم المتحدة .ولكن عندما فشل الامريكيون والسوفيت فى التوصل الى صيغة مقبولة لاقامة حكومة موحدة، تم فى عام 1948 اعلان قيام دولتين كوريتين احداهما شيوعية فى الشمال وعاصمتها بيونج يانج و الاخرى راسمالية تدعمها الولايات المتحدة فى الجنوب وعاصمتها سيول.واعترف الاتحاد السوفيتى ودول المعسكر الاشتراكى بحكومة كوريا الشمالية كما اعترفت الولايات المتحدة بحكومة كوريا الجنوبية.

ومن ناحية اخرى قرر الاتحاد السوفيتى سحب جميع قواته من كوريا الشمالية ، مما دفع الولايات المتحدة الى اتخاذ موقف مماثل. الا ان جلاء القوات الامريكية و السوفيتية عن كوريا لم يحل المشكلة ، اذ قامت على طرفى خط عرض 38 حكومتان الاولى تعتمد على الدعم السوفيتى ،والاخرى تدعمها الولايات المتحدة.وهكذا بعد ان تحررت كوريا من الحكم اليابانى فى 1945 وبعد 35 عام من الاحتلال انقسمت الى دولتين.

الحرب الكورية (1950-1953)

بعد انسحاب القوات الاجنبية من الشمال والجنوب وقعت اشتباكات بين كل من كوريا الشمالية و الجنوبية فى عام 1949 ، حتى ان خط العرض 38 اصبح مسرحا لمعارك عسكرية دائمة بين الطرفين ،ولم يتمكن احد من تحديد المسئول عنها.وجاءت الامدادات السوفيتية الى كوريا الشمالية كما انهالت المساعدات العسكرية الامريكية الى كوريا الجنوبية.وازاء هذا الموقف اقدمت الولايات المتحدة على دعوة مجلس الامن للانعقاد والنظر فى المسألة الكورية.

وفى 25 يونيو 1950 انعقد مجلس الامن فى غياب مندوب الاتحاد السوفيتى و اصدر مجلس الامن قرار بادانة هجوم كوريا الشمالية على كوريا الجنوبية ، وسحب القوات الشمالية الى خط عرض 38. كما اتخذ مجلس الامن قرار اخر يطلب فيه الى الولايات المتحدة اختيار القائد العام للقوات الدولية ،واعطى هذه القوات الحق فى استخدام علم الامم المتحدة ،اى ان التدخل الامريكى فى كوريا كان ولو شكليا تحت مظلة التنظيم الدولى.

ولكن هذا التدخل الامريكى فى الصراع الدائر بين الكوريتين ادى الى التدخل السوفيتى ،وكذلك التدخل الصينى الى جانب كوريا الشمالية،واستطاعت القوات الشيوعية ان تحرز انتصارات عديدة مما اضطر قوات الامم المتحدة الى التقهقر بغير نظام نحو الجنوب.

ولم يكن فى الامكان الاستمرار فى هذه الحرب الى مالانهاية ، وهكذا بدأت المفاوضات فى 1953 للتوصل الى هدنة ، ولكنها لم تصل الى نتيجة حاسمة بشان وقف القتال الا فى اواخر يوليو 1953 ، وقد ادى الاختلاف فى وجهات النظر الى قطع المفاوضات اكثر من مرة .ولكن بعد جهود كبيرة تم التغلب على كل المصاعب ، و هكذا في 27 يوليو سنة 1953 تم توقيع الاتفاق الاخير الذي حدد المنطقة المجردة من السلاح بأمتداد 2 كيلو متر على كل جانب ، و بالتالي تم التوصل الى اتفاق الهدنة و بذلك انتهت الحرب الكورية .

و في هذه الحرب تكبد الامريكيون 142 الف قتيل و كوريا الجنوبية حوالي 300 الف قتيل و كوريا الشمالية 520 الف و الصين الشعبية حوالي 900 الف اما خسائر الولايات المتحدة العسكرية و المادية فكانت عبارة عن 12224 طائرة حربية و 564 سفينة حربية من انواع مختلفة و 3255 دبابة و عربة مصفحة و 7695 من قطع المدفعية الثقيلة و تكلفت الولايات المتحد 165 مليار دولار من تكاليف الحرب .

و على الرغم من نشوب الحرب الكورية، فأن الوضع فن شبه الجزيرة ظل كما كان عليه دون تغيير و تمكنت هيئة الامم المتحدة من الحصول على موافقة الطرفين على تثبيت الوضع الراهن ، و هذا يعني ان الحرب الكورية قد انتهت بلا غالب او مغلوب ، و بقيت كوريا الشمالية تدور في فلك الاتحاد السوفيتي و الصين الشيوعية ، و ان كان الموقف قد تغير الآن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1991 اما كوريا الجنوبية فقيت في دائرة فلك الولايات المتحدة .

لقد اكدت الحرب الكورية تقسيم البلاد و ارست قواعدها و زادت من حدة الخلاف بين الجنوب و الشمال ، و لم يكن التقسيم على امتداد خط عرض 38 شمالا في صالح البلاد على كافة المستويات ، فالشعب في كلا القسمين شعب كوري واحد و اقتصاد القسمين واحد و متكامل و الفصل بينهما قد اضر بالتأكيد بالاقتصاد الكوري كثيرا لأن الثروة المعدنية تتركز في كوريا الشمالية الجبلية بينما تتميز كوريا الجنوبية بالثروة الزراعية لسهولها الواسعة الخصبة و ادى التقسيم الى نقص في المواد الخام اللازمة للصناعة في الجنوب و الى نقص في المواد الغذائية في الشمال .

وقد تحطمت كل المحاولات لتحقيق الوحدة الكورية على صخرة الوجود العسكرى الامريكى فى كوريا الجنوبية .هذا بالاضافة الى اختلاف نظام الحكم فى الكوريتين،اذ تتبع كوريا الشمالية النظام الاشتراكى حتى الان ،بينما تتبع كوريا الجنوبية النظام الرأسمالي ، و تحاول كوريا الشمالية التمسك بأمكانية تحقيق الوحدة الكورية على النظام الكونفدرالي ، و لكن بشرط انسحاب القوات الامريكية من كوريا الجنوبية و لكن كوريا الجنوبية لها شروطها ايضا و المتعارضة مع آراء كوريا الشمالية ، و لكن مع انهيار الاتحاد السوفيتي و إحلال الخصخصة و اقتصاديات السوق في الصين ، و انهيار الشيوعية في شرق اوروبا ، فإن كوريا الشمالية بقيت حتى الآن محافظة على النظام الشيوعي ، و كأنها تمثل متحفا للحياة الشيوعية المنقرضة في العقد الاول من القرن الحادي و العشرينو على اية حال فإنه من المتوقع بعد تشابه نظام الحكم في الكوريتين ، ان يتم وضع الأسس الحقيقية اللازمة لتحقيق الوحدة الكورية .

اسم المرجع:
جاد محمد طه-ابراهيم جلال احمد،تاريخ الشرق الاقصى الحديث والمعاصر،ط القاهرة 2006.

.

شكرااااا ياقمر على الطرح الرااااااااائع ...

وننتظر منك كل جديد ان شاااء الله ...

.

واووووووووو

حنونة دى روعة يابنتى جميلة جدا جدا
معلومات وحاجات اول مرة اعرفها وخصوصا انى محبة للتاريخ الشعوب
شكرا جدا
ومستنين حاجات تانية جديدة

ريهام وميرو
شكرا لمروركم

تسلمى حنين ع المعلومات
يا رب من مزيد

الصفحة نورت بمرورك يا هناء
شكرا ليكى ولتشجيعك المستمر ليا

شكرا يا حنون على الموضوع
رررررررررررررررررائع